عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 2:39 pm
من أسرار الأسماء في القرآن الكريم بقلم / الشيخ بسام جرار أحمد جاء في عمدة الحفّاظ، للسمين الحلبي، أنّ لفظ ( الاسم ) مشتق من السُّمو، وهذا قول البصريين. وقيل من الوسم، وهو قول الكوفيين. وعليه فالأصل في الاسم أنّه رفعة وعلامة. وتستخدم الأسماء لتمييز الذوات عن غيرها، ويغلب أن تشير الأسماء إلى صفات، ومن هنا يميل الناس إلى اختيار الأسماء ذات الدلالات الإيجابية، وهم يأملون أن يكون للمرء من اسمه نصيب.
المستقرئ للقرآن الكريم يجد أنّ الاسم يدل على صفة، وأسماء الله تعالى كلها تدل على صفاته عزّ وجل. وعليه يكون المعنى في قوله تعالى: " هل تعلمُ له سَميا": أي هل تعلم له مثيلا في صفاته. وقد أخطأ من ظن أنّ أسماء الله مجرد أعلام، فقال إنّ معنى " هل تعلمُ له سميا ": أي هل تجد من تسمّى باسمه. وهذا غير مقبول، لأن هناك من تسمّى برحمن، ورحيم، وكريم...الخ
جاء في سورة الرعد:" وجعلوا لله شركاء قُل سمّوهم ". يقول السمين الحلبي، في عمدة الحفاظ:" ليس المعنى أظهروا أساميها فقولوا : اللات، والعزّى، وهبل، ونحو ذلك، وإنما المعنى أظهروا حقيقة ما يدّعون فيها من الإلهية. وإنكم تَجدون تحقيق ذلك فيها؟ " ويقول في قوله تعالى: تبارك اسم ربّك: " أي يتزايد خيرهُ وإنعامه. والمعنى أنّ البركة والنعمة الفائضة في صفاته..."
جاء في سورة الصف: " ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد...": أي أنّ صفاته، عليه السلام، تستجلب الحمد في أقوى صوره، وأجلاها، وأفضلها. فهو إذن يُحمدُ أكثر من غيره، لأن صفاته تجعله يُحمد من الناس أكثر. أمّا ( محمّد) فدال على كثرة حمد الحامدين إيّاه. وعليه فإذا قصدنا بالاسم الصفة الذاتيّة، التي تدفع الناس إلى حمده، عليه السلام، فهو (أحمد)، أمّا إذا نظرنا إلى ردّة فعل الناس عندما يصفونه، عليه السلام، بما يليق بصفاته، فإنّه يكون عندها محمداً. فهو، عليه السلام، أحمد في ذاته، ومحمّد ومحمودُ من قبل الناس.
ونقول بعبارة أخرى : المقدّمات الموجودة في ذاته، عليه السلام، يلخصها اسم أحمد، أمّا النتيجة الموجودة خارج الذات فيعبر عنها اسم محمد.
لقد اشتهر النبي، صلى الله عليه وسلم، قبل الإسلام بأنّه الصادق الأمين، وكانت هذه الشهرة نتيجة لما لمسته قريش من صِدقه وأمانته، عليه السلام، أمّا اليوم، وبعد أكثر من ألفٍ وأربعمائةِ سنة، فإننا نجد أنّ الشخصية التي تُمتدح أكثر، وذلك لما يتجلى فيها من صفات حميدة، هي شخصية الرسول، عليه السلام، فهو أحمد من غيره على مدى التاريخ البشري وإلى يومنا هذا. فتبشير عيسى، عليه السلام، كان برسول يأتي من بعده، صفته أنّه أحمد من غيره.
بعد كل ما ذكرناه نخلص إلى نتيجة أنّه لا بد لنا من إعادة النظر في التعامل مع الأسماء القرآنيّة. فهل يجوز لنا أن نعتبرها مجرد أعلام تخلو من المعاني والأسرار، وعلى وجه الخصوص عندما تكون التسميات ربانية المصدر؟! انظر قوله تعالى :" اسمه المسيح عيسى ابن مريم ". ثم انظر قوله تعالى:" إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميّا " وانظر قوله تعالى:" فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحق يعقوب ". ويعقوب، عليه السلام، هو أيضاً في القرآن الكريم إسرائيل، كما أنّ يونس، عليه السلام، هو أيضاً ذو النون، وإدريس، عليه السلام، فيما يرجحه بعض المفسرين هو إلياس، ومحمد، عليه السلام، هو أحمد.
هذه الأسماء وغيرها هي كنوز وأسرار، ونحن نهدف، بمثل هذا المقال، إلى لفت الانتباه إليها، لتصبح في دائرة اهتمام الدارسين، لأننا وجدنا أنّ الكثير من أسرار هذه الأسماء تتجلّى عند التحقق والمتابعة. ولا بأس بالرجوع إلى اللغات السّاميّة، بعيداً عن علماء التوراة والكتاب المقدس، الذين يُطوّعون اللغة لتوافق تصوّرات كَتبة أسفار العهد القديم، حتى عندما يجمح بهم خيال الأسطورة.
عدل سابقا من قبل ابو ايهاب في السبت أكتوبر 11, 2008 3:19 pm عدل 1 مرات
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 2:40 pm
:: ســورة ::
القرآن الكريم هو المعجزة الدالة على صدق رسالة الرسول، صلى الله عليه وسلّم، وعلى وجه الخصوص في إعجازه البياني. وقد تحدى القرآن العرب أن يأتوا بسورة من مثله، ولم يتحدّهم بما هو أقل من سورة. والسُّورة كلٌّ متكامل وتشتمل على ألوان من العلوم والمعارف والتشريعات والآداب … وغير ذلك. واللافت للانتباه أنّ كلمة سورة لم تُذكر في أول خمسين سورة نُزّلت على الرسول، عليه السلام ؛ فقد جاء التحدي بعشر سور في سورة هود، والتي هي السّورة 52 في ترتيب النزول. أمّا التحدي بسورة واحدة فقد جاء في سورة يونس، والتي هي السورة 51 في ترتيب النزول. وهذا يعني أنّ العرب، في زمن الوحي، قد أَلِفَت معنى قرآن قبل أن تألف معنى سورة. وهناك الكثير من السُّور القصار التي نزلت قبل أن يُسَمِّي القرآن الكريم كل قطعة متكاملة باسم سورة. ويجدر أن نلفت الانتباه هنا إلى أنّ ما يقال في ترتيب نزول السور هو من الأمور الاجتهاديّة المحتملة التي يصعب إثباتها، على خلاف ترتيب المصحف، فإنه ترتيب توقيفي، أي بفعل الرسول، صلى الله عليه وسلم، وحياً.
السُّورة: مشتقّة من السُّور. ومعلوم أنّ السُّور في القديم كان يحيط بالمدينة، ثم هو يرتفع كثيراً بغرض الحماية والحفظ. وقد يكون معنى الارتفاع في السور ولّد في اللغة بعض معاني سورة، والتي منها الدرجة الرفيعة والمنزلة العالية. يقول النابغة الذبياني في البيت المشهور :
ألم ترَ أنّ الله أعطاك سورةً ترى كلّ مَلك دونها يتذبذبُ
ومعلوم أنّ بناء السُّور يتم دورة فوقها أخرى، حتى يكتمل. ولا يبعد أن تكون السُّورة هي كل دورة من هذه الدورات. ويُرَجِّح هذا أنّ بعض علماء اللغة قال إنّ سورة تُجمع على سُوَر، وكذلك سُوْر. وعليه فإن اسم سورة يتضمن معنى الإحاطة، ومعنى السُّمو والرفعة. ومعنى الإحاطة يتضمن الاشتمال، والتمييز وتحديد المعالم ؛ فالسُّور يشتمل على المدينة وما فيها، ثم هو يحدد معالمها ويميزها عما سواها. واللافت للانتباه أنّ الآية الكريمة التي تتحدى البشر أن يأتوا بسورة: " أم يقولون افتراه، قل فأتوا بسورة مثله، وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين " يأتي بعدها مباشرة: " بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه…"؛ فسور القرآن الكريم تحيط بعلوم شتّى، وهي تسمو وترتفع، وهي تحفظ وتقي. ونحن هنا سنركز فقط على كون السّورة محدَدة المعالم.
القرآن الكريم 114 سورة، لم تتجاوز أطول سورة فيه 24 صفحة، على اعتبار أنّ كل صفحة تتألف من (260) كلمة، في حين كانت أقصر سورة تتكون من (10) كلمات فقط. وباقي السّور تتراوح بين ذلك. وتتكون كل سورة من عدد من الآيات، بحيث يكون متوسط عدد كلمات الآيات هو: (4, 12) كلمة. ويغلب أن تَقصُر السّور والآيات التي نزلت في المرحلة المكية، والتي ركّزت أكثر على الجانب العقائدي. وتطول السّور والآيات التي نزلت في المرحلة المدنية، وعلى وجه الخصوص عندما يكون الكلام في الشريعة والأحكام.
ومن هذا نستنتج :
أولاً: عندما نُخاطب الناس في أمور العقيدة فيحسن أن نوجز ونحدد بما يشبه أسلوب الشعارات، بعيداً عن التطويل والإسهاب المستخدم لدى الفلاسفة.
ثانياً: الإكثار من الفُصول، والأبواب، والفقرات، يساعد على الفهم، ويجذب القارئ بشكل أفضل، ويُبرز الأفكار من خلال تحديدها في إطار يفصلها عن غيرها بفاصل محسوس.
ثالثاً: الإطار العام دون تبويب يعطي فكرة كليّة مع شيء من الغموض في الأجزاء والتفاصيل. وأسلوب التسوير، والتقسيم إلى آيات، يساعد كثيراً في إدراك الجزء، فيؤدّى ذلك إلى إدراك الكل بشكل أوضح وفهم أعمق.
رابعاً: هناك علاقات بين السُّور تشبه العلاقة بين كل دورة وأخرى في بناء السور حتى يكتمل. ولا يسهل إدراك العلاقة بين سورتين متلازمتين في المصحف حتى ندرك معاني كل واحدة منهما. والمفسّر المتمرس في معاني القرآن الكريم بكامله هو الأقدر على إدراك العلاقات بين السّور والآيات. ومن هنا نجد أنّ علم التناسب بين الآيات والسُّور جاء متأخراً عن علم التفسير.
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 2:42 pm
:: سليمــان عليه الســلام ::
تكرر اسم سليمان، عليه السّلام، في القرآن الكريم 17 مرّة، واللافت للانتباه أنّ القرآن الكريم لم ينص على أية علاقة لسليمان، عليه السلام، ببني إسرائيل، ولا بد من دلالة لهذا السكوت. نعم، فالقرآن الكريم قد نصّ على نبوة سليمان، عليه السلام، وكونه ملكا، ولكنه لم يذكر شيئاً عن قومه، ولا عن الأقوام والأمم التي تبعته وآمنت به، عليه السلام، وانضوت تحت لوائه، فكانت من رعاياه. بل إنّ في قصة ملكة سبأ لدلالة واضحة على اتساع ملكه وتعدد الأمم التي استجابت لدعوته. فلم يكن، عليه السلام، ملكاً لليهود، كما يعتقد الكثير من الناس متأثرين في ذلك بكتب العهد القديم.
ورد ذكر سليمان، عليه السلام، باستفاضة في سفر الملوك الأول، والذي يقال إنه قد دوّن في القرن السادس قبل الميلاد، في حين يقال إنّ سليمان، عليه السلام، قد مات في القرن العاشر قبل الميلاد. ووردت قصته مفصلة أيضاً في سفر أخبار الأيام الثاني، والذي يقال إنّه قد دوّن في القرن الخامس قبل الميلاد. ولا يستطيع المسلم أن يصدّق الكثير مما ورد في هذه الأسفار؛ فصورة سليمان، عليه السلام، في القرآن الكريم في غاية السمو والجمال، أمّا هذه الأسفار فتزعم أنه - وحاشاه- قد عبد الأصنام إرضاءً لزوجاته الوثنيّات. انظر هذا النص من سفر الملوك الأول: " فغضب الربُّ على سليمان، لأنّ قلبه ضلّ عنه، مع أنّه تجلّى له مرتين، ونهاه عن الغواية وراء آلهة أخرى، فلم يطع وصيته، لهذا قال الله لسليمان: لأنّّك انحرفت عني ونكثت عهدي، ولم تطع فرائضي التي أوصيتك بها، فإني حتماً أمزّق أوصال مملكتك، وأعطيها لأحد عبيدك، إلا أنني لا أفعل هذا في أيّامك …" أمّا صورته عليه السلام في القرآن الكريم فيكفيك ما جاء في سورة ص: " ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنّه أوّاب ".
يبدو أنّ ملك سليمان، عليه السلام، كان يشمل عدداّ من الأمم التي اتبعت دينه الحق، وانضوت تحت لوائه، وهذا ما جعل المنحرفين من بني إسرائيل يحقدون على هذا النبي الصالح، لأنهم يريدونها مملكة عنصرية، تجعل من اليهود سادة يُسخّرون الشعوب لخدمتهم، ثم هم يريدونها يهوديّة تتناقض مع نبوة سليمان وإسلامه لله: " وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ". فليس غريباً إذن أن يشوّه اليهود سيرة هذا النبي الصالح، ويصبّوا عليه جام غضبهم، حتى عندما كتبوا قصّته بعد وفاته بخمسمائة سنة. ومن يتدبر النص الذي اقتبسناه من سفر الملوك الأول يلاحظ أنّهم يحقدون عليه وينقمون من فترة ملكه، ويجعلون الرّب غاضباً منه، ومقرراً أن يدمّر هذا الملك. وإذا صحّ ما ورد في أخبار الملوك الثاني فإن الأمر يصبح واضحاً؛ فهذا سليمان، عليه السلام، قد أذلهم، وكذلك فعل ابنه رَحُبعام من بعده. ويصبح الأمر أشدّ وضوحاً عندما نعلم أنّهم قد شقّوا الدولة بعد وفاته، عليه السلام، بأيّام.
تدبّر هذا النص الوارد في أخبار الملوك الثاني، والذي إن صحّ يكون دليلاً آخر على أنّ سليمان، عليه السلام، لم يكن ملكاً لليهود فقط، بل هو نبي صالح وملك عادل، يحارب العنصريّة ويقمع المنحرفين: " فجاء يربعام وكل جماعة إسرائيل وقالوا لرحبعام بن سليمان: إنّ أباك قد أثقل النّير علينا، فخفف أنت الآن من عبء عبودية أبيك وثقل نيره الذي وضعه علينا فنخدمك. فأجابهم بعد أيّام قائلاً: أبي أثقل عليكم النير وأنا أزيد عليه. أبي أدّبكم بالسياط وأنا أؤدّبكم بالعقارب". فكان أن تمرّدوا، وشقّوا عصا الطاعة، وشقّوا الدولة. ويبدو أنّ ذلك كان بداية فسادهم وعلوهم، المنصوص عليه في القرآن الكريم: " لتُفسِدُنّ في الأرض مرّتين...". فقد أرادوها عنصريّة غاشمة، ويهوديّة متسلطة، وكان منهم ما أرادوا، فتحقق فيهم وعد الله الأول. وفي القرن العشرين كان مكرهم الثاني، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 2:44 pm
:: الزبـور ::
ورد في السنّة الصحيحة أنّ الله، سبحانه وتعالى، أنزل التوراة على موسى، عليه السّلام. ولكن اللافت للانتباه أنّ القرآن الكريم لم ينص صراحة على ذلك. ومعلوم أنّ الله تعالى أنزل الإنجيل على عيسى، عليه السلام، وقد نص القرآن الكريم على ذلك. والمشهور أنّ الله تعالى قد أنزل الزبور على داود، عليه السلام، فهل نص القرآن الكريم على ذلك ؟!
المستقرئ لآيات الله الكريمة يجد أنّ القرآن الكريم قد نص في موضعين فقط على أنّ الله تعالى آتى داود، عليه السلام، زبوراً، ولم ينص على إيتائه (الزبور). جاء في الآية 163 من سورة النساء: " وآتينا داود زبوراً". وجاء في الآية 55 من سورة الإسراء: " وآتينا داود زبورا ً". أمّا قوله تعالى في سورة الأنبياء: " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أنّ الأرض يرثها عبادي الصالحون ". فلا دليل على أنّ المقصود هو زبور داود، عليه السلام. ومن يرجع إلى كتب التفسير يلاحظ اختلاف المفسرين حول المقصود بالزبور في سورة الأنبياء.
قال تعالى في الآية 25 من سورة فاطر: " وإن يكذبوك فقد كذّب الذين من قبلهم، جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزُّبر وبالكتاب المنير ". نستفيد من هذه الآية الكريمة أنّ الزُّبر، والتي هي جمع زبور، نزلت على الرسل. ويستفاد أيضاً أنّ الزبر تحمل معنى يختلف عن معنى الكتب. وقد نص العلماء على أنّ الزبور هو الكتاب، وأنّ الزُبُر هي الكتب. وهذا صحيح، لأن الزُبُر هي فعلاً كتب نزلت وحياً على الرسل، ولو كانت الزبر لغةً ترادف في معناها الكتب لاستشكلنا قوله تعالى: " وبالزُّبر وبالكتاب المنير ". من هنا قد يجدر بنا أن نبحث عن معنى الزبر في القرآن الكريم.
جاء في الآية 53 من سورة المؤمنين: " فتقطّعوا أمرهم بينهم زُبُرا، كل حزب بما لديهم فرحون ". وجاء في الآية 96 من سورة الكهف: " آتوني زُبَرَ الحديد... ". أي: قِطع الحديد. وهذا يعني أنّ الزَّبْر: هو التقطيع، وأنّ الزُبرة: هي القطعة، وجمعها زُبَر. وعليه يمكن أن نقول إنّ الزبور: هو كتاب اقتطع من غيره من الكتب، أي أنّ هناك احتمالاً أن يكون الزبور جزءاً من كتاب ربّاني سبق نزوله، أو جزءاً من كتاب سينـزل، فكان الكلُّ كتابا، والجزءُ قطعةً أي: زبوراً.
الخلاف بين أهل السنّة والجماعة، وبين المعتزلة، في القول بخلق القرآن مشهور، ومعلوم أنّ أهل السنّة والجماعة يرون أنّ القرآن الكريم هو من كلام الله تعالى، والكلام صفة المتكلم، والمتكلم أزلي غير مخلوق. وعليه يكون القرآن أزليا غير مخلوق. وهذه مسألة يجدر بنا ألا نثيرها، في عصر تجاوز فيه الإنسان المسلم هذه الجدليّات، ولكن دفعنا إلى هذه الإشارة الرغبة في التذكير بأنّ القرآن الكريم هو في اللوح المحفوظ قبل نزوله على الرسول، صلى الله عليه وسلّم: " إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون …". وهذا يعني أنّ الأسبقية التاريخية في النزول لا تدل على الأسبقيّة في اللوح المحفوظ، وأنّ أسبقيّة النزول لا تعني أسبقية الكتابة. وبهذا الفهم قد يزول بعض الإشكال في فهمنا لقوله تعالى من سورة الأنبياء: " ولقد كتبنا في الزّبور من بعد الذكر …". فمعلوم أنّ الذكر مُعرَّفا في القرآن الكريم لم يرد صريحا في أيٍّ من الكتب المنزّلة سوى القرآن الكريم.
جاء في الآيات: (192-196) من سورة الشعراء: " وإنّهُ لتنزيلُ ربّ العالمين، نزلَ به الروحُ الأمينُ، على قلبكَ لتكونَ من المُنذِرين، بلسانٍ عربيٍّ مبين، وإنّهُ لفي زُبُرِ الأولين ". فكيف يكون القرآن الكريم في كتب الأولين ؟! هل المقصود أنّ الكتب السابقة قد بشّرت بنزول القرآن الكريم، أم أنّ المقصود هو معاني القرآن الكريم دون الألفاظ، أم أنّ المقصود المعاني والألفاظ جميعاً ؟
هذه مسألة خاض فيها العلماء، والذي قصدنا إليه من هذا المقال أن نلفت الانتباه إلى احتمال أن يكون قد تنـزّل بعض القرآن في كتب الرسل السابقين، فأوتيَ كل رسول جزءاً، أي زبوراً، حتى جاء الوقت المعلوم لنزول القرآن الكريم كاملاً للبشرية جمعاء. ويصبح الأمر مستحقاً للبحث عندما نقرأ الحديث الصحيح الوارد في البخاري: " خُفّف على داود القرآن، فكان يأمرُ بدوابّه فتُسرّج، فيقرأ القرآنَ من قبل أن تُسرّج دوابه …". والحديث الوارد في مسند أحمد: " ألا أُعلمكَ خير ثلاث سور أُنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم، قال: قلت بلى ... ". وقد جاء هذا المعنى في أكثر من حديث شريف.
خُتِمت سورة الأعلى بقوله تعالى: " إنّ هذا لفي الصُحُفِ الأولى، صُحُفِ إبراهيمَ وموسى ". والأصل أن نأخذ بظاهر النص فنقول: إنّ ما ذُكر في السورة الكريمة كان قد تنزّل في صحف إبراهيم وموسى، عليهما السلام. ويعزز هذا ما جاء في سورة النجم، ابتداء من الآية 36: " أم لم يُنبّأ بما في صُحفِ موسى، وإبراهيمَ الذي وفّى... ". وإذا أردتَ أن تعلم ما جاء في هذه الصحف فاقرأ الآيات الكريمة حتى نهاية السورة.
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 2:46 pm
:: الصّـــرح ::
جاء في بعض كتب اللغة أنّ الصّرح: هو القصر، وكل بناء عالٍ مشرف. ولكن لماذا سُمي القصرُ قصرا، ولماذا سمي البناء المشرف صرحاً ؟. يبدو أنّ الصّرح مأخوذ من الصراحة، والتي هي خلوصٌ من الشوائب. والصراحة فيها وضوح. وإذا صرّح الإنسان بالشيء فقد كشفه وأظهره. ونظراً لوضوح القصر والبناء العالي سمي صرحا. من هنا لا ينحصر مُسمّى الصرح في البناء العالي المشرف، ولا ينحصر في البناء الضخم الظاهر في الحس. وقد وردت كلمة الصرح في القرآن الكريم أربع مرّات؛ في سورة النمل عند الحديث عن سليمان، عليه السلام، وملكة سبأ، وفي سورة القصص وغافر.
جاء في سورة القصص على لسان فرعون: " فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ". وقد تكرر هذا الطلب في سورة غافر:" وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأسْبَاب، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأظُنُّهُ كَاذِباً..." هل بلغت السذاجة بفرعون أن يطلب بناءاً عالياً يرقاه لينظر ويتحقق من وجود إله موسى؟! وهل يَتصوّر فرعون أنّ المستمعين لهُ من الملأ بهذه السذاجة أيضاً ؟! ما الذي يمنع أن يكون ما يطلبه فرعون أكثر جدّيّة مما يتبادر إلى الذهن؟ ثم لماذا يبني فرعون هذا الصّرح من طينٍ يُطبخ، وهناك ما هو أفضل من الطين لبناء صرحٍ ضخم يتطاول في السماء؟! فلماذا لا يكون هذا الصرح من الحجارة، وقد عرف الفراعنة بناء الأهرامات الضخمة؟! ثم ألم يصعد فرعون في حياته الجبال العالية ليدرك أنّ أعلى بناء ممكن هو أقل ارتفاعاً من جبل صغير ؟!
من يدرس تاريخ الفراعنة يجد أنّ لهم السبق في تحديد السنة الشمسية بمقدار 365 يوما، وتقسيم السنة إلى 12 شهراً، والشهر30 يوما، واليوم 24 ساعة. بل إنّ بناء الأهرامات له علاقة بأبعاد فلكية، وقد بلغت الدّقة الهندسية لديهم بحيث أنّ الشمس تدخل الغرفةً الملكيّة مرّة في العام، وذلك في اليوم المحدد والساعة المحددة. من هنا ندرك أنّ فرعون كان يريد بناء مرصد يساعده في فهم حقائق البناء السّماوي. ويبدو أنّ استخدام الزجاج في هذه المراصد كان هو الأساس في عمل المرصد، كما هو مفترض. على ضوء ذلك نفهم طلب فرعون: " فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحا..". فالأقرب إلى التّصور الجادّ أنّه يريد صناعة الزجاج، لبناء مرصد، فهو لا يحتاج إلى بناء عال ليرتقيه، فلديه الأهرامات التي بُنِيت قبل عصره. ومعلوم تاريخيّاً أنّ الفراعنة قد عرفوا المراصد، وراقبوا السماء، وبلغوا في ذلك مبلغاً.
أمّا آيـة سورة غافر: " وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأسْبَاب، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى..". فالمتصوّر أن يكون هذا في عالم الرصد والمراصد أكثر مما يُتصوّر في عالم الارتقاء إلى أعلى، وعلى وجه الخصوص عندما نعلم أنّ الأمم القديمة قبل الميلاد كان لها سبق في علم الفلك. وقد كانوا يعتقدون أنّ للأفلاك تأثيراً وتَحكُّماً، حتى في مصائر البشر. وبالتالي فإنّ العلل والأسباب الحقيقيّة عندهم هي في عالم الفلك. وفرعون هنا يريد أن يبلغ عالم الأسباب هذا ليطلّ منه بزعمه على حقائق الكون، ومنها حقيقة أنّ موسى، عليه السلام، هو رسول من الله. وهو بذلك يستخدم علم التنجيم لينفي أن يكون موسى، عليه السلام، مرسلاً من ربه. وقد لمّح فرعون إلى ذلك بقوله: " وإني لأظنّه كاذبا". وعدم جزم فرعون هنا من أجل أن يظهر نفسه بمظهر الإنسان الموضوعي، الذي يبحث عن الدليل والبرهان.
إذا صحّ فهمنا هذا، فإنّ ذلك يدعونا إلى إعادة النظر في فهم كلمة الصّرح التي وردت في سورة النمل؛ فقد كانت ملكة سبأ ممن يعبدون الشمس، كما صرّحت الآيات الكريمة، وهذا يشير إلى احتمال أنّهم كانوا يهتموّن بالفلك أيضا. لقد وجدنا ملكة سبأ تصرّ على دينها، حتى عندما تجلّت أمامها معجزة إحضار العرش، فكان لا بد من مناقشتها في عقيدتها، وتعريفها بحقيقة الشمس والأفلاك التي تعبدها. من هنا يحتمل أن يكون دخولها الصرح هو دخولٌ للمرصد الزجاجي الضخم، من أجل تعريفها بواقع الأفلاك، ومناقشتها في عقيدتها؛ فهي مُهيّأة لمثل هذا العلم: " قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِير..". نعم فهو من زجاج مُملس، وهو شفّاف وخالص من الشوائب، فهو إذن صرح، وهو أيضاً قوارير. ويبدو أنّ عظمة هذا المرصد تتجلّى في انعكاس الأجرام السماويّة في قاعدته الزجاجيّة، وظهر ذلك في ردّة فعل ملكة سبأ، عندما كشفت عن ساقيها. ولا ندري كم استغرق من الوقت وجود ملكة سبأ داخل المرصد، ولكن يبدو أنّ هذا التواجد هو الذي جعلها تُعلن إسلامها: " قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". ويبدو أنّه قد تمّ تعريفها بحقيقة عالم الأفلاك، الذي كانت تعبد من دون الله. ولا شك أنّ النقلة في المعارف تساعد على النقلة العقائدية. وتسمية المرصد صرحاً مفهوم إذا عرفنا أنّ المرصد: يكشف، ويُجلّي، ويُظهر، ثم إنّ عدساته وملحقاتها مصنوعة من الزجاج الخالص الصريح، ثم هو يُبنى في مكان عالٍ ومشرف.
3ashek lyale alsaber نائب المدير العام
عدد الرسائل : 113 العمر : 36 الموقع : https://muhab.ahlamontada.net العمل/الترفيه : قرائة الخواطر وكتابتها مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
المهنة : الجنس : مزاجك : كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 11/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 2:58 pm
يسلمو اخوي ابو ايهاب على الموضوع الجميل . وعلى المعلومات الاكثر من جيدة . جزاك الله خير الجزاء . وانا وانت ومنتديات مهاب صفا اولاً الى الامام بئذن الله وبتوفيق. لك جزيل الشكر على الموضوع الجميل كمان مرة اخي ابو اييهاب يسلمو
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 3:02 pm
[b]:: الصـافنـات الجـيـاد ::
جاء في سورة ص: " ووهبنا لداود سليمان، نعم العبدُ إنه أوّاب، إذ عُرض عليه بالعَشي الصافناتُ الجياد…".
تصف الآية الكريمة الخيل بأنّها صافنات، وبأنها جياد. واللافت أنّ الصفة الثانية هي نقيض للصفة الأولى؛ فمعلوم أنّ الخيل عند راحتها تكون قائمة لا تتحرك، بل تنام وقوفا، وصمتها فيه هدوء ووقار، فأنت تعجب من هذا الحيوان الذي يمضي حياته واقفا، وتعجب كيف ينام واقفا، وتعجب كيف لا يرهقه الوقوف! ويزول العجب عندما نعلم أنّ القانون في خلق الخيل، يختلف عنه في خلق الإنسان، وخلق الكثير من الحيوانات التي تنام مستلقية، فراحة الحصان في وقوفه. والهدوء العميق لهذا الكائن، وصمتُهُ ووقاره، كل ذلك هي المقدّمات الضرورية التي تُفجّر حيويّته ونشاطه.
نعم إنّه الجواد الذي يجودُ بالحركة، ويفيضُ بالنشاط. ويندر أن نجد في الحيوانات حيواناً يماثله في هذه المتناقضات؛ فهو الساكنُ المتحرك، والصامتُ المتفجّر.
آية في سورة ص، جاءت عقب الآيات سالفة الذكر، لا تزال لغزاً على الرُّغم من أقوال المفسرين الكثيرة فيها: " ولقد فتنا سليمانَ وألقينا على كُرسيّه جسداً ثمّ أناب". وليس هذا مقام الإفاضة في تفسيرها، وأكثر ما جاء فيها من تفسير لا يستند إلى دليل معتبر. وقد يكون الأقرب إلى الصواب أن نقول: بأنّ الجسد الذي حلّ في كرسي المُلْك هو سليمان، عليه السلام. وقُلنا (حلّ) لأننا وجدناها أليق بمقام سليمان، عليه السلام. ومن لطائف القرآن الكريم أن يقول سبحانه وتعالى: " وألقينا على كرسيّه"، ولم يقل: " وألقيناه على كرسيّه". هذا إذا كان المقصود سليمان، عليه السلام؛ لأنّ كلمة ألقيناه تفيد الإلقاء مع النبذ على خلاف ألقينا. والذي يبدو لنا راجحاً هو احتمال أن يكون سليمان، عليه السلام، قد أصيب بمرض أقعده عن الحركة، أو تحول إلى جسد ساكنٍ لا حراك فيه، واستمر على هذه الحال مدّة من الزمن، ثم شفاهُ الله وعافاهُ مما حلّ به، عليه السلام. وقد يعزز هذا القول أنّ الآيات التي تلي هذه القصّة جاءت على ذكر أيوب، عليه السّلام، وما حلّ به من بلاء: " واذكر عبدنا أيّوب إذ نادى ربّهُ أنّي مَسَّنِيَ الشيطانُ بنُصْبٍ وعذاب ". ويعززهُ أيضاً قوله تعالى: " ثمّ أناب "، لأنّ من معانيه أنّهُ رجع إلى حالة الصّحّة والمعافاة. واستخدام ثُمّ التي هي للتراخي يؤكّدُ ذلك؛ لأنّ سرعة الإنابة، التي فيها معنى التّوبة، هي من مستلزمات صفة الأوّاب التي وصف بها سليمان، عليه السلام. وهذا يعني أنّ الإنابة هنا لا علاقة لها بالرجوع إلى الله، بل الرجوع إلى الصّحة والمعافاة بعد وقتٍ فيه طول.
المدّة الزمنية التي يُحتمل أن يكون سليمان، عليه السلام، قضاها فاقداً للقدرة على الحركة، والقدرة على إدارة شؤون الدولة، لا بُدّ أن تكون فرصة للتدبر والتأمّل، وإعادة النظر في أمر المُلْك والسلطان، والنظر فيما يمكن أن يفعله الحاكم الذي يملك الجاه والسلطان والقوة. ويمكننا أن نتصوّر الأماني والأمنيات التي تجول في خاطر من فقد القدرة على الإدارة والحكم، وهو لا يزال على كرسيّه سلطاناً معترفاً به. إنّ هذه اللحظات الجليلة تجعل المرء يدرك أنّ الحَوْل والطَوْل كله لله. ومن يمرّ من الصالحين بمثل بهذه التجربة لا يمكن أن يغترّ بالقوة والسلطان، وعلى وجه الخصوص عندما يكون أواباً منيباً لله تعالى.
من يقرأ الآيات التي تلي هذه الآية يجدها مفعمة بالحركة، والقوة، والتسخير، والعطاء الوفير. ويجد سلطاناً يُعطى من كل شيء، ثم هو لا يحاسب: "هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب". والمتدبر للآيات يجد أنّ سليمان، عليه السلام، قد انتقل من النقيض إلى النقيض، تماماً كحالة الصافنات الجياد؛ فسكون تلك الصافنات هو المقدمة الضرورية للحيويّة المتفجرة، والحركة الفعّالة. وقد لاحظنا هذا في حالة سليمان، عليه السلام، بعد شفائه من مرضه؛ فقد أصبح سلطاناً يوظّفُ كل ما سُخّر له من أجل رعيته، ومن أجل الحقيقة التي يؤمن بها، وقد بلغ عهده في الحضارة والمدنيّة الأوج، إلى درجة أن نجد الأمم التي جاءت من بعده تنسب كل شيء خارق وعظيم إلى عصره، عليه السّلام. فإذا كانت حالة الصفون في الخيل هي المقدّمة الضروريّة لحالة الجَود، فإنّ حالة سليمان، عليه السلام، في سكونه على كرسيّهِ كانت المقدّمة لإطلاق طاقاته الفاعلة، الموهوبة له من الله تعالى، لإحداث نقلة عظيمة في حياة البشر، وتكون على يديه، عليه السلام، تكريماً له.[/b]
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 3:05 pm
:: الإيمـــان ::
الإيمان هو التصديق، ولكنه التصديق الذي معه أَمْن. والإيمان في الدين يحقق الأمن الفردي والجماعي، الدنيوي والأخروي. وأنّى لغير المؤمن أن يحس بالأمن ؟! لقد استعاض العلماء في فترة ما عن هذه اللفظة (الإيمان) بلفظة (العقيدة) والتي تدل على الجزم في التصديق. وتبقى لفظة (الإيمان) هي اللفظة التي نص عليها القرآن الكريم، والسنّة الشريفة.
يأخذ الإنسان المعرفة إمّا عن طريق العقل؛ كالمبادئ الرياضيّة. وإمّا عن طريق الحس؛ كالألوان. وإمّا عن طريق الخبر الصادق؛ كالمعارف التاريخيّة، والوحي الرّباني. ولا يوجد طريق رابع معروف لأخذ المعرفة. أمّا الإلهام والرؤى الصادقة فهي من الخبر الصادق، وهو ما يُعرَف في الدين بلمَّة المَلَك. ويمكن إرجاع ما يُسمّى بالتّخاطُر إلى حاسّة مجهولة في الإنسان. وإذا ما استعرضنا أركان الإيمان في الإسلام نجد أنّ ركن الإيمان بالله تعالى يثبت عن طريق العقل فقط. وأمّا ركن الإيمان بالملائكة فثبت عن طريق الخبر الصادق (الوحي). وأمّا ركن الإيمان بالكتب فثبت عن طريق العقل، إذا كان المقصود القرآن الكريم، أمّا إيمان المسلم بالتوراة والإنجيل فيكون عن طريق الخبر الصادق، وكذلك الأمر في ركن الإيمان بالرسل؛ فإذا كان المقصود الإيمان برسالة محمد، صلى الله عليه وسلّم، فلا يكون ذلك إلا عن طريق العقل، ومن هنا كانت المعجزة. وأمّا إذا كان قصدنا الإيمان بباقي الرسل فيكون ذلك عن طريق الخبر الصادق، والذي هو هنا الوحي الثابت بالعقل. أمّا ركن الإيمان باليوم الآخِر، وركن القضاء والقدر، فيثبتان عن طريق الخبر الصادق.
على ضوء ما سلف نجد أنّ أركان الإيمان في الإسلام لا تثبت إلا من طريقين؛ العقل والخبر الصادق. أمّا الحس فليس من طرق إثبات القضايا الإيمانية، لأنّ الإيمان يتعلق بالمسائل الغيبيّة، ولا يتعلق بالمحسوسات؛ فالمعارف التي تؤخذ عن طريق الحس لا يتعلق بها إيمان. فلا نقول: نؤمن بوجود اللون الأحمر، مثلا. ولا نقول نؤمن بأنّ النار تحرق، وبأنّ الماء يروي …الخ. وبذلك يتبين لنا خطأ من ينكر بعض القضايا الإيمانيّة بذريعة أنها غير محسوسة، لأنّ الحس هو طريق من ثلاث طرق تؤخذ بواسطتها المعرفة، وكل طريق يقودنا إلى معرفة تختلف تماماً عن المعارف التي تقودنا إليها الطرق الأخرى. فمعلوم أنّه يستحيل على الأعمى، مثلاً، أن يدرك حقيقة الألوان، ولكنه يؤمن بوجودها عن طريق الخبر الصادق. فالألوان بالنسبة للمبصر هي قضية حسيّة غير إيمانيّة، وهي بالنسبة للأعمى قضية إيمانيّة غير حسّية.
عُرّف الإيمان الديني بأنّه: ما وقر في القلب وصدّقه العمل. وبهذا يظهر الفرق بين الإيمان الفلسفي والإيمان الديني؛ فالإيمان الفلسفي لا يستلزم سلوكا، ولا يوجب التزاما، أمّا الإيمان الديني فلا يصح حتى ينعكس سلوكا. فالدين لا يقبل أن يكون الإيمان ترفاً فكريا، بل إن الإيمان الذي لا يصدقه عمل يوشك أن يموت؛ فالفكرة كالجسد إذا لم تعمل تموت. ومن هنا ليس عجيباً أن نجد في الواقع أنّ أشدَّ الناس إيماناً أشدّهم التزاما، وأنّ قوة الإيمان تتجلى في الذين يتحركون بالفكرة.
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 3:10 pm
:: الـغـيـب 1::
الغيب: هو كل ما غاب عن الحس، أو غاب عن العقل. وفي الوقت الذي يصبح فيه الشيء الغائب محسوساً، أو مُدرَكاً بالعقل، فإنه لا يعود بعدها غيباً. وما يغيب عن الإنسان قد يكون من أمور الماضي، وقد يكون من أمور الحاضر، وقد يكون من أمور المستقبل. وقد فطر الله تعالى الإنسان على حب معرفة الغيب، فهو يسعى دائماً إلى كشف أستار الغيوب. ومن الممكن أن نُرجع تطور المعارف والعلوم إلى شوق الإنسان الدائم إلى معرفة ما غاب عن حِسّهِ أو عقله. وقد يدفعه هذا الشوق الجامح إلى سلوك بعض الطرق العابثة، والتي تُهدر وقته وجهده، وتضره ولا تنفعه. من هنا وجدنا أنّ الدين يُحرّم العرافة والكهانة، والشعوذة، لأنها تَصْرِف الإنسان عن الطرق الصحيحة لمعرفة الغيب.
لا يدّخر الإنسان جهداً في اتخاذ الوسائل المختلفة الموصلة إلى معرفة الغيب، وفي الوقت الذي ينجح فيه في كشف أستار غيبٍ ما، يتحوّل هذا الغيب إلى شهادة، ولا يعود غيباً بالنسبة له، وإن كان لا يزال غيباً بالنسبة إلى غيره من الناس. وسيبقى الإنسان يتوسّل بعالم الشهادة للاطلاع على عالم الغيب، في مسيرة لا تتوقف حتى تنتهي خلافته على الأرض. ولا يقتصر عالم الشهادة على المحسوسات، بل إنّ ما يثبت بالعقل هو أيضاً من عالم الشهادة، وعليه فإنّ وجود الخالق، سبحانه وتعالى، هو من عالم الشهادة، وليس من عالم الغيب. وقد يكون هذا من بعض أسرار شهادة أن لا إله إلا الله.
يمكن للإنسان أن يتعرف على ما يغيب عنه عن طريق الحس، أو عن طريق العقل، أو عن طريق الخبر الصادق. وعندما نصف الخبر بأنّه صادق فإننا نقصد بذلك أنّه قام الدليل العقلي على صدق هذا الخبر. من هنا تتفاوت الأخبار في درجة صِدقيتها، وعلى ضوء هذا التفاوت يتفاوت التصديق قوّةً وضعفاً. فعلى سبيل المثال: هناك الحديث الضعيف، والحسن، والصحيح، والمتواتر. فما جاءنا عن طريق الحديث الحسن لا يكون في قوة ما جاء عن طريق الحديث الصحيح، وما جاء عن طريق الحديث المتواتر فهو القطعي في ثبوته. والتواتر مسألة عقليّة، وليست بمسألة شرعيّة.
كل الناس يؤمنون بالغيب، فما معنى أن يُثني الله تعالى، في كتابه العزيز، على المتقين أنهم: " يؤمنون بالغيب " ؟ وللإجابة عن هذا السؤال نقول: إذا قام الدليل العقلي على صدق النبي فيما يُبلّغ عن ربّه، فإنّ المؤمن عندها يُصدّق ما جاء به النبي من أخبار تتعلق بعالم الغيب، حتى وإن كان الحس والعقل عاجزين عن إدراك هذا الغيب، لأنّ صدق المُخبر يغني عن ذلك.
يقول تعالى في الآية 26 من سورة الجن: "عالمُ الغيبِ فلا يُظهر على غيبهِ أحداً، إلا من ارتضى من رسول…" إنّ الله تعالى لا يغيب عنه شيء، فعلمه مطلق. وعليه فما دلالة إضافة الغيب إليه سبحانه وتعالى؟ تشير الآية الكريمة إلى غيب أراد الله تعالى أن يُغيّبه عن المخلوقات، وهذا يعني أنّ هناك غيوباً يمكن للخلق أن يُحيطوا بها إذا ما توصّلوا إليها بالحس، أو بالعقل، أو بالخبر الصادق. وإنّ هناك غيوباً لم يأذن سبحانه وتعالى بعلمها لأحد من المخلوقات. وقد يُستثنى من ذلك بعض الرسل والرسالات. فغيبهُ سبحانه وتعالى ليس كل ما غاب عنّا، بل هو ما استأثرَ بعلمه دون خَلقِه. وهذا يعني أنه قد يكون بإمكاننا أن نطلع على بعض الغيوب إذا ما تدبّرنا القرآن الكريم، الذي فيه خبر ما قبلنا، وعلم ما بعدنا.
وأخيراً نسأل: هل حُرِم الناس من الاطلاع على الغيب بختم النبوَات والرسالات ؟ نقول: لا، لم يُحْرموا؛ فالرؤيا الصادقة هي نوع من إطلاع الإنسان على الغيب، وكذلك الإلهام. ولكن هذا لا يتعلق بالغيب الذي شاء الله أن يُغيّبه (غيبه)، بل هو مما أراد أن يُظهره. أما ما أراد أن يُغيّبه، فقد شاء سبحانه وتعالى أن يجعل الوحي هو الطريق الوحيد للإطلال عليه. وعليه فهناك غيب يمكن الاطلاع عليه بواسطة الحس، أو العقل، أو الخبر الصادق، ومنه الإلهام والرؤى. وهناك غيب لا طريق إليه إلا بتدبّر الرسالة الإلهيّة، المتمثلة بالقرآن والسنّة
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 3:12 pm
:: الغيـب 2 ::
نزلت سورة الإسراء قبل الهجرة بسنة. وجاءت الآية الأولى من السورة لتتحدث عن حادثة الإسراء بالرسول، صلى الله عليه وسلم، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله. ويدهشك أنّ الآيات التي تلي تتحدث في بعدٍ غيبي يتعلق بمسألة ستأتي بعد قرون، ألا وهي القضية الفلسطينية، وهذا يعني أنّ هذا الصراع المستقبلي سيشكل في حينهِ حدثا في غاية الأهمية بالنسبة للبشرية. ولا ننسى أنّ فلسطين هي الأرض التي بارك الله فيها للعالمين، كما جاء في سورة الأنبياء: " ونجّيناهُ ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ".
جاء في الآية الثالثة من سورة الإسراء: " ذرية من حملنا مع نوح إنّه كان عبدا شكورا ". وقد جاء في القرآن الكريم أنّ كلّ من حُمِل مع نوح، عليه السلام، كان مؤمناً. وعليه، فما هي الإشارات التي تحملها عبارة: " ذُرية من حملنا مع نوح…"، ولماذا لم تكن: " ذُرية من آمن مع نوح " ؟.
يمكن للمفسر أن يذهب في ذلك مذاهب شتى، ويبقى كلام الله فوق كلام كل حكيم، ولكننا هنا ندلي برأي له ارتباط بواقع الناس المعاصر؛ فنوح، عليه السلام، بنى السفينة بأمر الله ووحيه، كما جاء في سورة هود: " واصنع الفلك بأعيننا ووحينا " ويبدو أنّ المكان الذي صُنعت فيه السفينة كان بعيداً عن البحر، ويبدو أنّ كل ما يحيط بالمكان يجعل بناء نوح، عليه السلام، للسفينة أمراً مستغرباً داعياً للاستهزاء. جاء في سورة هود: " ويصنع الفلك وكلما مرّ عليه ملأ من قومه سخِروا منه " وهذا أمر مفهوم، فهم لا يملكون البعد الغيبي ليدركوا الحكمة من بناء السفينة في ذلك المكان. وأنّى لهم ذلك وعقيدتهم الوثنية ترهن عقولهم للواقع المحسوس.
واليوم نجد أنّ الأحداث في العالم تتسارع، والعواصف، التي تعصف بالناس، تجعل الكثيرين في حالة من الحيرة. وقد يصل البعض إلى حالة اليأس والإحباط، وعلى وجه الخصوص أولئك الذين لا يملكون البعد الغيبي الذي تنـزّلت به الرسالات؛ فالعقيدة الماديّة تأسرُ صاحبها في سجن عالم الشهادة الآنيّ، ومن هنا تكون الأحكام والمواقف والقناعات متأثرة بثقل وطأة الواقع المحسوس.
عندما أسقطت أمريكا حكم مُصَدَّق في إيران، وذلك في الخمسينات من القرن العشرين، وأعادت الشاه إلى عرشه الملكي، كان ذلك في حينه نجاحاً ظاهراً. لكنّ أحداث العام 1979م، وما بعدها، جاءت لتثبت قصور عقول عباقرة السياسة الأمريكية، فأنّى لهم أن يدركوا أبعاد مكرهم، ونهاياته، ومآلاته ؟! نعم، يستطيع لاعب الكُرة الماهر أن يقذف بالكرة إلى الهدف، ولكنّه يفقد السيطرة عليها بمجرد قذفها، ثمّ هو غير مُتحكّم بعد ذلك بمسارها، ولا يعلم مكان وهيئة استقرارها. وهكذا نحن البشر، قد يكون لنا سيطرة على أفعالنا الآنيّة، فتأتينا النتائج الفورية والمرجوّة. أما تفاعلات الأفعال ومآلاتها في المدى البعيد، فلا مجال للسيطرة عليها؛ فكلما طال الزمان فقدنا السيطرة والتحكّم، وتكون مفاجآت عالم الغيب، الذي لا يعلمه إلا الله.
سورة الإسراء ثريّة بمعالجات الأبعاد الغيبيّة المتعلقة بأمّة الإسلام والرسالة الإسلامية. وعندما نضيف إليها سورة الكهف التي تليها تتجلّى لنا هذه الأبعاد بصورة أوضح. وما أحوج الناس اليوم إلى تدبّر معاني السورتين في مثل هذه الأجواء التي تحيط بنا. كيف لا، والعواصف تعصف بالكثير من حقائق الواقع التي كانت تبدو راسخة. ويبقى الوحي الكريم هو الطبيب الوحيد الذي يلامس القلوب المؤمنة، فيزيل ما بها من شوائب الشك والحيرة والتردد. وما أجملَ أن تتعلق القلوبُ بالأمل الذي مصدره اليقين: " كتب اللهُ لأغلبنَّ أنا ورسلي…".
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 3:13 pm
:: الآخــرة ::
عندما تؤمن المدرسة الوجوديّة بالعبثيّة، وعندما ترفع شعاراً يقول:" لا شيء له معنى إلا الموت"، فإنها تكون قد عبّرت بوضوح عن الحقيقة التي يهرب من مواجهتها الماديّون، لأن هذه النتيجة لا بد أن يصل إليها كل من أنكر اليوم الآخر؛ فعظمة الكون، وإبداع الخلق، والهدفيّة المتجليّة في كل صغير وكبير من هذا الوجود، كل ذلك يفقد معناه عندما نعتبر أنّ الدنيا هي نهاية المطاف.
إذا كان وجودي ينتهي بالموت، فلماذا أعيش ؟! هل يوجد في الحياة الدنيا ما يسوّغ الاستمرار فيها ؟! وماذا يعنى التزامنا بالمبادئ والقيم، وماذا يبقى من سلطة الالزام إذا ما أقصينا الدين ؟! وما مدى منطقية القول: هذا يجوز، وهذا لا يجوز ؟! نعم فبإمكانك أن تشكك في كل القيم، ويمكنك أن ترفض كل شيء، ويمكنك أن تفعل ما تشاء، لأن الدنيا هي نهاية المطاف. نعم سيكتشف الناس أن إنكار اليوم الآخر يُفرغ الحياة الدنيا من معناها، وعندها لا بد أن تكون السيادة للفلسفة العبثيّة، وعندها سيكون الانتحار هو الشجاعة التي تستند إلى العقل والمنطق، وسيكون الاستمرار هو الغباء الذي يورث الجبن والتردد.
حتى الآخرة تفقد معناها عندما يكون لها نهاية. ومن هنا كان الخلود من أكبر حقائق اليوم الآخر، بل إنّ الرغبة الملحة لدى الإنسان في البقاء والاستمرار لهي من أوضح حقائق النفس البشريّة، وكأنّه لا يصلح لعالم الخلود إلا من رُكّب فيه الميل إلى الخلود. وقد جاء الدين منسجماً مع حقائق الخلق، فكانت الآخرة من حقائق الوجود، وكان الخلود من حقائق الآخرة. وهنا يتحقق الانسجام الكامل في كل شيء، وبذلك تظهر الفلسفة الماديّة كعارض مرضي، وشذوذ تأباه البشريّة، لأنه يتناقض مع فطرتها. لذا سيبقى الإلحاد استثناءً غير قابل لأن يكون القاعدة.
من يقرأ القرآن الكريم يجد أنّ قضية اليوم الآخر تكاد تكون هي القضية الأولى، وتحظى بمساحة ضخمة في كتاب الله العزيز، ويكتشف أنّ صلاح الدنيا لا يكون إلا بالايمان بالآخرة، وأنّ صلاحها هو المقدمة الضرورية لصلاح الآخرة، ولا مجال للفصل بين العالمين، بل لقد باءت كل محاولات الفصل، عبر التاريخ البشري، بالإخفاق الذريع. وأبرز علامات هذا الإخفاق الإيمان بالعبثيّة، والشعور بفقدان الهدفيّة، وانهيار القيم الأخلاقية. وليس عجيباً بعد ذلك أن نسمع أنّ أعلى نسبة للانتحار في العالم هي في البلاد الاسكندنافيّة، والتي هي الأولى في مستوى الرفاه المادّي. وليس غريباً أيضاً أن نجد الجموح والتمرد يسودان في المجتمعات الغربية، التي سادت فيها، يوماً ما، فلسفة احتقار الدنيا، وانتشرت فيها الرهبنة وتقديس العزلة، التي عبّر عنها أصدق تعبير بعض كتّاب الغرب في تلك العصور عندما قال :" إنّ القديس فلاناً لم يرتكب إثم غسل الوجه ثلاثين عاما، وإنّ القديس فلاناً لم يرتكب إثم غسل الرجلين خمسين عاما، أمّا نحن، فواأسفاه، ندخل الحمّام كل يوم !".
تكرر (اليوم الآخر) في القرآن الكريم 26 مرّة. وتكررت كلمة الآخرة بمعنى اليوم الآخر 113 مرّة. وتكرر ( يوم الدين) 11 مرّة، وتكرر ( يوم القيامة) 70 مرّة. فكيف بنا إذا أحصينا أيضاً: يوم الحساب، ويوم التغابن، والصاخّة، والحاقة، والجنة، والنّار، …… وغير ذلك، من الألفاظ الدالّة على اليوم الآخر؟! في المقابل نريد من الذين قرأوا التوراة الحالية، والعهد القديم، أن يدلونا على نص واحد يُصرّح بعقيدة اليوم الآخر لدى اليهود. في حين نجد هناك أكثر من نص في الأناجيل المتداولة ينص على عقيدة اليوم الآخر. وهذا يعني أنّ قضية اليوم الآخر عند اليهود هي قضيّة اجتهاديّة. وبإمكانك بعد ذلك أن تفهم الكثير من مواقفهم وسلوكيّاتهم … !!
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 3:15 pm
:: الظّـــن ::
هل يستطيع العربي الفصيح أن يستوعب أنّ الظّن قد يأتي بمعنى اليقين؟ لا نظنّ ذلك. ولكنّ الكثير منّا قد يقبل هذا القول على مضض، لأن أهل التفسير يقولون بأن الظّن قد يرد أحياناً في القرآن الكريم بمعنى اليقين، ويستشهدون للتدليل على مذهبهم هذا بمثل قوله تعالى: " الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ". فلمّا قالوا إنّ العقيدة لا بد لها من جزم، ولما رأوا أنّ الإيمان لا بد أن يكون قاطعا، قادهم ذلك إلى حتمية القول بأن الظّن قد يأتي بمعنى اليقين. ولم يقولوا لنا لماذا شاء الله تعالى أن يقول: " يظنون" بدل "يوقنون" !!
يبدو أنّ الخطأ نتج عن زعمنا بأنّ العقيدة يجب أن تكون جازمة حتى ينجو المؤمن يوم القيامة. ولا ندري من أين جئنا بهذا الزعم في مواجهة آيات صريحة تَقبلُ من العبد أن يسلك وفق غلبة الظّن، وإلا فما معنى أنّ الإيمان يزيد وينقص؟ يقول الله تعالى: " وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً ". فمعلوم أن لا مجال للزيادة على ال 100% ولا مجال للنقصان. هذا إذا كان المطلوب هو الجزم القاطع. وهنا لا بد من لفت الانتباه إلى أنّ القرآن الكريم يُسمّي العقيدة إيماناً. وقد نزلت الرسالات لتبني الإيمان في النفوس ليبلغ الإنسان درجة اليقين. وعندما يتكلم القرآن الكريم عن وظيفة الرسالات المنزّلة يُذكِّر بالنتائج المرجو تحققها، والأدلة على ذلك في القرآن كثيرة، مثل قوله تعالى: " ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ. وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ". وهذا لا يعني إطلاقاً أنّ الذي أسلم نفسه لله تعالى، وهو في دائرة غلبة الظن، غير مقبول عند الله. بل إنّ الآيات الكريمة واضحة وصريحة في قبول من يسلك على ضوء غلبة الظن. والمشكلة هنا في تحكيم وجهة النظر السابقة في النص القرآني.
يقول سبحانه وتعالى: " إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ". فلا يصحّ في الدين أن يكون كلّ الظنّ إثماً، لأنّ هناك الكثير من المسائل في العقيدة والشريعة لا يمكن الوصول فيها إلى درجة اليقين؛ فلا بد عندها من الاستناد إلى الظن الغالب. والمقصود بالظن الغالب هنا هو الظن الذي يغلب الظنون الأخرى. وعليه فإذا كان الظن في مواجهة الدليل اليقيني فإنه يكون مذموما. وكذلك يُذم الظن في مواجهة غلبة الظن. انظر قوله تعالى: " إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ". فلا قيمة للظن في مواجهة الحقيقة.
فرّق البعض بين العقيدة والشريعة فقالوا: إنّ العقيدة لا تثبت إلا بالدليل القطعي، أمّا الشريعة فتثبت بالدليل الظنّي. وعندما نبحث عن سند شرعي لهذا التفريق يصعب أن نجده. بل نجد أنّ الأحاديث الكثيرة تُثبتُ بأنّ الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان يبعث آحاد الناس لتعليم العقيدة والشريعة، ولم يكن يُفرّق؛ فلم نجده، مثلا، عند تعليم العقيدة يشترط، عليه السلام، الكثرة التي تبلغ حد التواتر. ويجدر هنا لفت الانتباه إلى أنّ كل حكم شرعي فيه جانب إخباري (عقيدة)، وفيه جانب تشريعي؛ فعندما نقول: " الصلاة فرض"، فإنّ هذه العبارة هي خبر يتضمن طلباً، فمن أنكر فرضيّة الصلاة كفر، ومن لم يُصلّ عصى.
وكما وقع أولئك في الخطأ فوصلوا إلى نتائج عجيبة، كذلك وقع خصومهم في خطأ أكبر عندما ذهبوا إلى أنّ العقيدة الجازمة تثبت بخبر الواحد، فقالوا إنّ خبر الواحد يوجب العلم، واستدلوا على ذلك بفعل الرسول، صلى الله عليه وسلم، فقد كان يبعث آحاد الناس ليعلموا العقيدة، وقد تواترت الأخبار بذلك. وفي الحقيقة أنّ فعل الرسول، صلى الله عليه وسلم، يُعتبر دليلاً على جواز أن يكون ناقل العقيدة والشريعة شخصاً واحدا، أو آحاداً من الناس، وأنّه يجوز لنا أن نُصدّق آحاد الناس، ولا فرق في ذلك بين عقيدة وشريعة. ولكن من أين لنا أنّ خبر الآحاد يوجب العلم الجازم، والله سبحانه وتعالى يقول: " وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُم..."، وهو القائل سبحانه: " وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَة..." ؟! والعجيب هنا أنهم لا يقبلون في إثبات دَيْن على مدين بشهادة رجل واحد، حتى ولو كان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ثم هم يوجبون التصديق الجازم بخبر رجل واحد أو امرأة واحدة في دِين يلتزمه المليارات من البشر إلى يوم القيامة.
هناك فرق بين التصديق ووجوب التصديق؛ فمن البدهي أنّه يجوز لنا أن نتتلمذ في العقيدة أو الشريعة على عالم واحد، أو على آحادٍ من العلماء، ولكن من قال بأننا ملزمون بتصديقه أو تصديقهم، في كل ما يقول أو يقولون، وعلى وجه الخصوص عندما يتعارض قولهم مع ظاهر القرآن الكريم، أو ظواهر الشريعة، أو بدهيّات العقول؟!
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 3:16 pm
:: التقويـم ::
قال تعالى في سورة التين: " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم، ثم رددناه أسفل سافلين، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ". قالوا في التقويم: إنّه جَعلُ الشيء ذا قوام. وقوام الشيء: ما يقوم به ويثبت. وتُصرّح الآية الكريمة بأنّ الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم، ويذهب بعض أهل التفسير إلى أنّ المقصود هنا القوام الجسدي، وهذا بعيد عن سياق النص القرآني، وإن كان اللفظ يحتمله. والراجح أنّ المقصود هنا هو تعديل القوى الظاهرة والباطنة معا، أي المادّية والمعنويّة، وعلى وجه الخصوص القوى المعنوية، من مثل العقل والإدراك.
واضح من الآية الكريمة أنّ تقويم الإنسان خاص به، وهو يتميّز في ذلك عن باقي الكائنات، كيف لا، والله قد سخّر للإنسان ما في السماوات وما في الأرض. وقد يستشكل البعض قوله تعالى: " في أحسن تقويم ". إذ على المستوى المادي يمكن أن يكون الإنسان أشدّ تحصيناً من الأمراض الجسدية، وعلى المستوى المعنوي محفوظاً من الأمراض النفسية، وبذلك يكون في تقويم أحسن. ويزول الإشكال عندما ندرك أنّ " أحسن" تتعلق بخلق الإنسان على ضوء وظيفته في الأرض. ومن هنا لا يلزم مثلاً أن يكون قوام الإنسان يؤدّي به إلى الخلود في الدنيا، لأنّ هذا ما سيكون في الآخرة. وقد جاء في الأثر: " خُلقت الدنيا لكم وخلقتم للآخرة ". وهذا من بدهيّات الدين.
الأصل في الإنسان الخير والعدالة، وأمّا الشّر فهو طارئ على الكيان الإنساني؛ ففي الوقت الذي خلق فيه الإنسان في أحسن تقويم، بحيث يحقق وظيفته في الأرض، خلق فيه أيضاً قابلية الانتكاس والارتكاس، والارتداد إلى الأسوأ: " ثم رددناهُ أسفلَ سافلين ". وهذا يعني أنّ التقويم المعنوي المنسجم مع وظيفة الإنسان في الأرض يمكن أن يتحول إلى النقيض. وحتى لا يكون هذا الارتداد، لا بد من العمل الصالح، القائم على أساس من الإيمان الصحيح: " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات .. ". فكل مولود يولد على الفطرة، أي في أحسن تقويم. ويمكن المحافظة على هذه الفطرة وتوظيفها في تحقيق الخلافة في الأرض، إذا ما كانت التربية تستند إلى الإيمان الداعي إلى العمل الصالح. ومن هنا ندرك أنّ الدين ضرورة بشرية، وليس بخيار يُضاف إلى خيارات الإنسان.
هل استطاع العلم في القرن الحادي والعشرين أن يخلق في الأمم الغربية الإنسان الصالح، الذي يقوم بواجب الخلافة ؟! والإجابة نجدها واضحة في واقع البشرية اليوم، فنكتشف أنّ الظلم والتجبّر، والغطرسة والفجور، هي من أهم مميزات الدول التي تقع في أعلى سُلّم العلم والتكنولوجيا. إنّه إفلاس الغني، وضعف القوي. إنّه العلو الذي هو في حقيقته أسفل سافلين. وتبقى مشيئة الله تعالى فوق الجميع: " فأمّا الزبد فيذهب جفاء، وأمّا ما ينفع النّاس فيمكث في الأرض ". ولا ينفع الناس إلا ما كان ينسجم مع فطرتهم السّوية.
إنّ مهمة المصلحين تستند إلى فطرة الإنسان، ومن هنا تكون احتمالات النجاح كبيرة، وهذا ما نلحظه اليوم من سقوط الكثير من الطروحات المتناقضة مع الفطرة، حيث أنه لم يكد يغادرنا القرن العشرون إلا وقد أخذ معه الكثير من العقائد والأفكار والأوهام، وظهر ذلك جليا في البيئات الاجتماعية التي ظهر فيها مصلحون. ولا نزعم أبدا أنّ الصورة الآن جميلة ومشرقة بما فيه الكفاية، ولكن مسار الأمور يشير إلى أنّ الخلاص هو مستقبل الإنسان في المدى غير البعيد.
والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 3:17 pm
:: الفضــل ::
الفضل: هو الزيادة، والعرب تقول لما يبقى من الماء في الإناء بعد الشرب فضلة، وعليه تكون الفضلة: ما يبقى من الشيء، وما يزيد عن الاقتصاد والحاجة. فالألفاظ المشتقة من (فضل) يغلب أن تستخدم في الزيادة الإيجابية. يقول تعالى في سورة النحل: " والله فضّل بعضكم على بعض في الرزق": واضح أنّ المقصود بالفضل هنا الزيادة في الرزق. ويقول سبحانه في سورة الإسراء: " انظر كيف فضّلنا بعضهم على بعض..": فالتفاوت الإيجابي في خَلْق الناس من أهم أسس التحضّر الإنساني. ويقول سبحانه في سورة الرعد: "... ونُفضّلُ بعضها على بعضٍ في الأُكُل ": والمقصود هنا التمايز في أَطعام النباتات، وقيمتها الغذائيّة. ويتفاضل بعضها على بعض، مما يؤدي إلى التنوع الإيجابي.
قد يخلط الناس أحياناً بين مفهوم (الخيريّة)، ومفهوم (الأفضليّة)؛ فإذا كانت الأفضليّة تتعلق بزيادة في المال، أو القوة، أو الجمال، أو العقل...، فإن الخيريّة تتعلق بزيادة الخير؛ فإذا كان فلان يفضلني بمال، أو قوة، أو عقل.. فليس بالضرورة أن يكون هو خيراً مني؛ فكم من فقير هو خير من ألف غني، وكم من ضعيف هو خير من ألف قوي. من هنا كان الحكم الربّاني الذي صدر في حق مجتمع الصحابة، رضوان الله عليهم: " كنتم خير أمّة أخرجت للناس "، ولم يقل سبحانه وتعالى: " كنتم أفضل أمة.."، لأنّ الفضل يحتمل وجوهاً كثيرة، ولا يستلزم الخيريّة إلا إذا كان فضل تقوى. والتفضيل الأخروي لا يستند إلى الفضل الدنيوي، بل يستند إلى الخيريّة في الحياة الدنيا.
يقول سبحانه وتعالى في سورة البقرة: " يا بني إسرائيل اذكروا نعمتيَ التي أنعمتُ عليكم، وأنّي فضلتكم على العالمين". هذه الآية الكريمة هي من الآيات التي أنّبت اليهود، لنكرانهم النعمة، وعدم شكرهم لله، الذي فضلهم، أي زادهم في العطاء الدنيوي بالإضافة إلى الكتاب والفرقان. وتُعدّد الآيات التي جاءت بعد هذه الآية، من سورة البقرة، النّعم التي كانت لبني إسرائيل ولم تكن لغيرهم من الأمم، فاستحقوا بكفرهم هذه النعمة أن تضرب عليهم الذلة والمسكنة، وأن يبوءوا بغضب من الله، بل: " وإذ تأذّنَ ربك ليبعثنّ عليهم إلى يوم القيامة من يسومُهم سوءَ العذاب ". بهذا تتضح بعض أسرار الغضب الربّانيّ النازل باليهود: " غير المغضوب عليهم "؛ فقد كانت خيانتهم كبيرة. لاحظ بعض هذه النعم التي ذكرت وعُدّدت بعد قوله تعالى: " يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي..." : " وإذ نجيناكم من آل فرعون..." ، " وإذ فرقنا بكم البحر.." ، " وإذ واعدنا موسى.." ، " .. ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون" ، " وظللنا عليكم الغمام، وأنزلنا عليكم المنّ والسلوى " ، " وإذ قلنا ادخلوا هذه القريةَ فكلوا منها حيث شئتم رغدا.." ، " وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب.." ، " وإذ قلتم يا موسى لن نصبرَ على طعام واحد..". نعم، هذه النّعم، وغيرها مما ذكر في سورة البقرة وسور أخرى، لم تحصل لأمّة من الأمم، ولو حصلت لغيرهم لكانت من دواعي الشكر والطاعة، ولكنّهم كفروا النعمة، وتمادوا في غيّهم وتنكروا لفضل الخالق سبحانه؛ فكان الحكم العادل، هو ما نصّت عليه الآيات التي ختمت الحديث عن هذه النّعم: "وضربت عليهم الذلّة والمسكنة وباءوا بغضب من الله..". وهذا ليس لهم فقط، بل لكل خائن لا تزيده النعم إلا ضلالا.
وأخيراً نقول: إذا كانت الآية الكريمة هي من أشدّ الآيات ذمّاً لليهود، ولخيانتهم، فكيف فهمها البعض على أنها آية مدح ؟! ولماذا ذهب البعض في تأويلها المذاهب، على الرغم من أنّ صيغتها هي صيغة تقريع ؟! يبدو أنّ السبب في ذلك يرجع إلى الخلط بين مفهوم الخيريّة ومفهوم الأفضليّة.
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 3:22 pm
:: الشــهيـد ::
الشهيد: اسم من أسماء الله الحسنى، فعلم الله تعالى يحيط بكل شيء، فهو، سبحانه وتعالى، عالم الغيب والشهادة. جاء في سورة الرعد: "قل كفى بالله شهيداًً" وقد كرّم اللهُ بعض خلقه فجعلهم شهداء على النّاس، جاء في سورة النساء: " فكيف إذا جئنا من كل أمّة بشهيد، وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ". فالأنبياء شهداء على أقوامهم، والرسول، عليه السّلام، شهيد على الأمّة الآخرة، والأمّة الإسلامية شاهدة وشهيدة على باقي الأمم حتى تقوم السّاعة. جاء في سورة البقرة: " وكذلك جعلناكم أمّةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً " .
وحتى تكون الأمّة شهيدة على الناس، لا بد أن تكون ممثلة لحقيقة الإسلام في إيمانها، وسلوكها، ولا بد أن تحيط بالواقع من حولها، وتكون قادرة على تقييم هذا الواقع، والحكم عليه، على ضوء مقاييس الإسلام. ويكتمل معنى الشهادة في الأمّة عندما تقدّم البدائل للواقع السلبي، وبذلك تكون شهيدة في الدنيا، وهذا يؤهلها لأن تكون في مقام الشهادة يوم القيامة، أي في مقام التكريم. جاء في سورة النساء:" ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً". وجاء في سورة الزمر: " وجيء بالنبيين والشهداء..".
إنّ الشهداء في الآخرة هم الشهداء في الدنيا، فهم الذين يعملون على إقامة العدل، على أساس من شرع الله. جاء في سورة المائدة: " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ". وجاء في سورة النساء: " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ". ومعلوم من النص القرآني الحكيم أنّ الله تعالى قد أرسل الرسل وأنزل الكتب من أجل أن يقوم الناسُ بالعدل، جاء في سورة الحديد: " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناسُ بالقسط ". وللقيام بالعدل، ولإقامة العدل، لا يكفي قوة الفكرة وتماسكها، وسمّوها، بل لا بد من القوة التي تحق الحق، أي تجعله واقعاً راسخاً في الأرض. انظر تتمة الآية من سورة الحديد: " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز ".
والقيام بالقسط، والسير في سبيل الله قد يترتب عليه موت أو قتل، وهذا في منطق الذين لا يؤمنون مجازفة وخسارة. جاء في سورة آل عمران: " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غُزّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا، ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم، والله يحيي ويميت، والله بما تعملون بصير ". يستفاد من هذه الآية أيضاً أنّ القرآن الكريم يفرّق بين الموت في سبيل الله، والقتل في سبيل الله. جاء في الآية 157 من سورة آل عمران: " ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ". ويظهر مثل هذا الفرق في اعتبار من يُقتل في سبيل الله شهيداً حيّا. والشهادة اختيار ربّاني، جاء في سورة آل عمران: " ويتخذَ منكم شهداء ". والشهيد شاهد بفعله على صدق مبدئه، وعمق إيمانه، وهو شاهد على تقاعس المتقاعسين، ثم هو يوم القيامة من الشهداء الذين يشهدون على الناس. ولا يصح في إيمان المؤمن أن يظنّ أنّ الشهيد ميت، ولا يجوز لنا أن نتفوّه بذلك، بل نحكم له بالحياة عند ربّه، لأننا ملزمون بالأخذ بما يظهر لنا من حاله.
من اللافت للانتباه أنّ كلمة شهيد هي من الكلمات التي لا مرادف لها في اللغة العربية، وهي من الألفاظ الإسلامية التي يستخدمها حتى غير المسلمين، وغير الموقنين، إذا أرادوا تكريم قتلاهم، أو حتى موتاهم. وفي الوقت الذي استبدل فيه هؤلاء مصطلح الجهاد، مثلاً، فقالوا: كفاح، ونضال، و قتال، … فإننا نجدهم يحرصون على استخدام مصطلح شهيد. وقد يَشهَد هذا الموقف بحقيقة ما تُكِنّ صدورهم من شكّ وتردد تجاه عقائدهم، وما تستشعره عقولهم وقلوبهم من جلال الإسلام وأحقّيته.
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 3:24 pm
:: الوكيــل ::
الوكيل: هو الموكول إليه، والمفوض إليه الأمر. وعليه فلا وكيل على الحقيقة إلا الله تعالى. وهو سبحانه سبب الأسباب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه. ومعلوم أنّ التوكل هو من أفعال القلوب؛ فهو إيمان وتصديق، ثم هو توجه ورغبة، وهو قوة عظيمة تشحن الإرادات، كيف لا وهو الركون إلى ركن شديد ؟! وما من إنسان إلا ويرغب في وكيل. وما عالم الحسرة، والوهن، والإحباط، وسوء الظن، وما إلى ذلك من أمراض القلوب والإرادات، إلا من نتائج التوكل على غير الله، من المخلوقات الضعيفة، والكائنات المحتاجة.
تُستهل سورة الإسراء بآية تتحدث عن حادثة الإسراء بالرسول، عليه السلام، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى. ويدهشك أنّ الآيات التي تلي تتحدث عن إفسادين لليهود في الأرض المباركة. والذي يهمنا، في هذه العُجالة، الوصية التي أنزلها الله تعالى في التوراة، ثم أنزلها في الآية الثانية من سورة الإسراء: " وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل، ألا تتخذوا من دوني وكيلا..". فلماذا هذه الوصية المشددة والمكررة ؟! وما علاقتها بالإفساد اليهودي في الأرض المقدسة ؟! والواضح من نصّها الكريم أنها وصية وتحذير: " ألا تتخذوا من دوني وكيلا..". وقد يكون من أسرارها أنّ النهايات المفجعة للمجتمعات اليهودية ترجع إلى اعتماد هؤلاء اليهود على وكلاء من عالم الشهادة، وهذا مؤشر على ضعف الإيمان بالله تعالى، وهو دليل أيضا على شدة تعلق هؤلاء بعالم المادة وبالأسباب الأرضية.
إسرائيل شاحاك من الكتاب اليهود الذين يُلفتون انتباهك في قربهم النسبي من الموضوعيّة، وهو من القلة التي انتقدت العنصرية الصهيونية، وكشفت حقيقة الكيان الإسرائيلي في فلسطين. وهو يرى أنّ المذابح، التي تعرّض لها اليهود في المجتمعات الغربية، ترجع في الأساس إلى التحالفات التي كان يقيمها اليهود مع القوى المتنفّذة والظالمة. والعجيب أنّ هذا الخطأ يتكرر وكأنه قانون في حياة اليهود، على الرُّغم من أنّ النتائج كانت دائما مفجعة، وعلى وجه الخصوص عندما تَنقضّ الشعوب على جلاديها. والأعجب من هذا أنّ اليهود لم يستخلصوا العبر، وما زالوا يؤمنون بإمكانية الركون والتوكل على القوى البشرية والماديّة، حتى باتت المادة، وبات رأس المال، المعبود الذي يتوكلون عليه.
عندما شعر اليهود بصعود أمريكا، القوة الجديدة، وجدناهم يسارعون إلى الهجرة إليها، حتى باتوا في أعلى درجات السلم السياسي والاقتصادي، وأصبح الأمريكي شيئا فشيئا يشعر بوطأة أقدامهم على رقبته. وهذا الشعور قابل للتصاعد على ضوء المعطيات التي تُخبرنا بانّ المجتمع الأمريكي يتحول، شيئا فشيئا، إلى مجتمع الأقلية المالكة والأكثرية المغلوبة على أمرها، والتي باتت تشكل الآلة التي تخدم الأسياد، ولديها شعور متفاقم بالغُبن والإجحاف. هذا في داخل أمريكا، أما في الخارج، فقد بات المجتمع الدولي يشعر بالنفور الشديد من هذا المتطفل، الذي يضرب بسيف المارد الأمريكي، ولا يقيم وزنا لمشاعر الآخرين، ولا يشعر أبدا باحتمال انقلاب الموازين، وتغيّر الوقائع، بل ينطلق في سلوكه من منطلق أنّ هذه هي نهاية التاريخ. وبهذا نجدهم يكررون الخطأ، ويقعون في المحذور. ولم يعد بإمكانهم أن يستمعوا إلى رب الناس يحذرهم: " ألا تتخذوا من دوني وكيلا...".
إنّ هذه الوصية لا تخص اليهود دون غيرهم، وإن كانوا هم الأحوج إليها. ونحن لا نعجب من سلوك اليهود هذا عندما نطلع على تراثهم الديني والثقافي، وإنما العجب، كل العجب، أن يذهل عن هذه الوصية الربانيّة بعض من عايش الإسلام، فنهل من القرآن الكريم، والسنّة الشريفة، وتنسَّم عبير تراثه المفعم بالإيمان والثقة واليقين والتوكل: " ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إنّ الله بالغ أمره، قد جعل الله لكل شيء قدرا".
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 3:25 pm
:: الآل والأهل ::
أهل الرجل في الأصل هم من يجمعه وإياهم مسكن واحد. ونلحظ بالاستقراء أنّ الملازمة هي أبرز دلالات كلمة الأهل، ومن هنا نقول: أهل المدينة، أهل البيت، أهل الكتاب، أهل العلم … أما الآل فهم الذين يؤول إليهم الإنسان، أي يرجع إليهم، أو يرجعون إليه في دين، أو مذهب، أو نسب … من هنا يقال للأهل أحياناً آل، ولكنّ كلمة آل تستخدم في بيان شرف من يؤول إليهم الإنسان، أو شرف من يؤولون إليه.
جاء في الآية 33 من سورة الأحزاب: " إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ". المتدبر للآيات الكريمة يدرك أنّ مسؤولية الملازمين للرسول، صلى الله عليه وسلم، من أقرباء وأزواج هي أكبر من مسؤولية الآخرين، ومن هنا خصّهم الله تعالى بأحكام فيها من التشدد والاحتياط ما فيها، نظراً لحساسية موقف الرسول القائد، عليه السلام، والذي هو القدوة الحسنة: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ". وعلى الرغم من وضوح هذا في القرآن والسنة، فقد تصور البعض أنّ وصف أهل البيت يعطي من ينتسبون إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، الأفضلية، فيدعوهم ذلك إلى التحلل من المسؤولية، ويتوسّلون بالنسب الشريف للتسلط على رقاب الناس، وتبرير خيانتهم لله ولرسوله وللمؤمنين. ولما كانت كلمة أهل تدل على الملابسة والملازمة، فلا يستطيع أحد أن يزعمها بعد 1400 سنة، بل يُلحظ أنّ كثيراً ممن يزعمونها اليوم هم الأبعدون، الذين لا ينتمون إلى الأمة بل إلى أعدائها.
جاء في الحديث الشريف أنّ صحابياً سأل الرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً: " كيف نُسلّم عليكم أهل البيت؟ ". فجاء جواب الرسول الكريم ليجعل السلام على المتقين من أمته، الذين يرجعون دوماً إلى دينه وشريعته، بحيث أصبح الرسول مرجعهم ومرجعيتهم، فقال، عليه السلام: " قولوا اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد … ". نعم، لا معنى لأن نخص بالدعاء أهل البيت، حيث لم يشهد القرآن ولم تشهد السنّة لهم بالعصمة، ولم يرد في الدين ما يدل على تميّزهم وتفضيلهم، بل لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد، عليه السلام، يدها. نعم لا معنى لهذا الاختصاص، وقد وجدنا أنّ من أقربائه، عليه السلام، من قاوم دعوة الله، وأساء إلى رسوله. وهذا إبراهيم، عليه السلام، يطلب أن تكون الإمامة في ذريته فجاءه الوحي بالجواب الحاسم: " لا ينال عهدي الظالمين ". أمّا تكريم المجتمع المسلم لأهل بيت الرسول، صلى الله عليه وسلم، فهو دليل على صدق الإيمان، وصدق الاتباع، وصدق المحبة، كيف لا، وقد أوصى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بأهل بيته الكرام. وقد شهد الواقع التاريخي بخيريَّتهم، وإمامتهم في التقوى والصلاح، وصبروا وصابروا حتى لقوا وجه الله تعالى.
جاء في الآية 4 من سورة التحريم: "…فإنّ الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ". فإذا كان آل الرسول، عليه السلام، أعظم منزلة من أهله، فإن أولياءه أعظم منزلة من آله، لأنهم أصحاب النسب الحقيقي، ولأنهم اختاروه، وأحبّوه، ونصروه، وقدّموه على كل ما سواه. وقد يَحسن أن نختم بكلمات للإمام جعفر الصادق عندما سئل عن آل البيت فقال: " إذا قاموا بشرائط شريعته كانوا آله " وهذا يعني أنّ آله في اعتبار الإمام جعفر الصادق، هم أولياؤه الذين يحملون دعوته، وينصرون شريعته، فيبلغون بذلك أعلى مراتب القرب والقرابة.
الزعيم الادرة
عدد الرسائل : 95 العمر : 61 الموقع : .wwwalmanam.net/vb العمل/الترفيه : موظف مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 3:26 pm
:: الأرض المقـدســة ::
جاء في الآية 21 من سورة المائدة على لسان موسى، عليه السلام:" يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ...". الراجح أنّ المقصود بالأرض المقدسة، في هذه الآية الكريمة، أرض فلسطين. ولسنا هنا في مقام تحديد حدودها الجغرافية في المنظار الديني. وواضح، في الآية الكريمة، أنّ موسى، عليه السلام، قد طلب من قومه أن يدخلوا الأرض المقدسة، التي فَرض الله عليهم دخولها في حينه. وقد ارتبط هذا الفرض بوعد أن يتم دخولهم بسهولة ويسر: " ادخلوا عليهم الباب، فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ...". ولسنا أيضاً في مقام رفع الالتباس الذي وقع عند البعض في فهم هذه الآية، فظنّوا أنّ المعنى: " الأرض المقدسة التي كتبها الله لكم .." أو " كُتِبت لكم "، في صيغة المبني للمجهول. وإنّما نريد هنا أن نلقي الضوء على بعض دلالات عبارة: الأرض المقدّسة.
القُدُسُ أو القُدْس: هو الطُهر. والأرض المقدسة: هي الأرض المطهّرة. وهناك فرق بين قولنا: الأرض الطاهرة، وقولنا: الأرض المطهّرة؛ فالطاهرة هي التي لا يلابسها دنس. أمّا المطهّرة فقد يلابسها الدّنس، ولكن لا تلبث أن تُطهّر، فكلما تكرر وجود الدنس تكرر التطهير. ويُفهم من هذا أنّ لفلسطين وظيفة مباركة، تتعلق بمسيرة البشرية كلها: " الأرض التي باركنا فيها للعالمين ". فهي الأرض التي لايتجذّر فيها باطل، ولا يدوم فيها شر؛ لأنها الأرض المطهرة من ذلك كله. وقد يُعّبر عن هذا المعنى ما ورد من أنّها لا يُعمّر فيها ظالم.
فيها كانت نهاية سلطان الرومان الشرقيين، وكان ذلك في معركة اليرموك. أما نهاية البطش المغولي فكانت في عين جالوت. ولا تسأل عن نهاية نابليون، ولا تنس أنّ نهاية المسيح الدجّال ستكون في الأرض المقدّسة ، وكذلك نهاية يأجوج ومأجوج. أمّا اليوم، فإنّ وجود إسرائيل يكاد يُنسينا حقيقة وجوهر هذه الأرض، بل قد يظن البعض أنّ عجلة التاريخ ستتوقف عند هذه اللحظة، أو أنّ سنة الله في المجتمعات ستتخلف، وأنّ كينونة فلسطين المتميّزة في كونها مُطهّرة ستزول، وما أدركوا أنّ وجود إسرائيل على الصّورة التي وجدت فيها، وبلوغ الإفساد الصهيوني أبعاداً عالمية، بحيث يصدر هذا الفساد عن هيمنة وسيطرة كونية الامتداد، لهو الدليل على أنّ الأمور تسير في طريق التقاء أقدار المفسدين بقَدْر فلسطين، الأرض المقدسة.
جاء في الحديث الشريف: " إنّ الأرض لا تُقدّس أحداً، ولكن يُقدِسُ الرجلَ عملُهُ ". فوجود الإنسان في الأرض المقدسة لا يطهره من ذنوبه وأدرانه، بل لا بد من العمل الصالح حتى تتطهر النفس من أمراضها وأدرانها: "...ولكن يُطهر الرجلَ عملُه ". فعمر الشرّ في الأرض المقدسة قصير إذا ما قورن بما سواها من أراضٍ وبلاد. وقد يفسر هذا اضطراب المنطقة المستمر عبر العصور؛ فقدسيتها تأبى عليها أن تتقبل على ظهرها الإفساد. ولا ننسى أننا ننظر هنا بمنظار غيبي، بغض النظر عما يؤيده في عالم الشهادة. ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى النظرة المستندة إلى بُعدين؛ بُعد واقعي يرفده بُعد غيبي، حتى لا يؤدي ثقل الواقع المحسوس إلى الإحباط والتحلل. والدارس للتاريخ يجد أنّ صلاح الدين، ومن عاصره من المسلمين، كانوا يملكون هذا المنظار الثنائي المتكامل.
فإذا كانت فلسطين متميزة في كينونتها على باقي بقاع الأرض بأنّها مطهّرة، فإن ذلك من أهم العوامل التي تساعد أهل الجدّ والإخلاص في تحقيق العدالة، في الوقت الذي طغى فيه الشّر واستشرى. وأخيراً نذكّر بما قاله الرجلان في الآية 23 من سورة المائدة: " ادخلوا عليهم الباب ...".
مهاب صفا مدير المنتدى
عدد الرسائل : 672 العمر : 35 العمل/الترفيه : مدير منتدى مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
مشروبك المفضل : المهنة : الجنس : مزاجك : كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 10/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم السبت أكتوبر 11, 2008 3:43 pm
البريئة مشرفة سابقة
عدد الرسائل : 188 العمر : 31 العمل/الترفيه : طالبة مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 18/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم الثلاثاء أكتوبر 28, 2008 3:04 am
بارك الله فيك اخي ابو ايهاب على اجتهادك الرائع وعلى نشاطك الدائم
وننتظر المزيد بأذن الله جزاك الله كل خير
تحياتي
سحب الايمان مشرف القسم الاسلامي
عدد الرسائل : 282 العمر : 35 مكان الاقامه : بيت لحم - فلسطين احترام قوانين المنتدى : MY SMS :
كلنا غزة :
تاريخ التسجيل : 31/10/2008
موضوع: رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم الجمعة أكتوبر 31, 2008 6:25 am