الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, أما بعد:
هو الـموت ما منه ملاذ ومــهرب * متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب
إلى الله نشــكو قــسوة في قلوبنا * وفي كل يوم واعظ الموت ينـدب
وصف الموت:
حضرت الوفاةُ عمرو بن العاص الذي يسمى أرطبون العرب لأنه كان داهية من الدهاة , فلما أصبح في سكرات الموت قال له ابنه عبد الله الزاهد: يا أبتِ صف لي
الموت, فإنك أصدق واصف للموت! قال: يا بني, والله كأن جبال الدنيا على صدري , وكأني أتنفس من ثقب الإبرة
إذا وضعت في الحفرة:
والله لو عاش الفتى في عمره ألفا من الأعوام مالك أمره
متنعما فيها بكـل لذيــذة متلذذا فيها بسـكن قصره
لا يعتريه الهم طول حـياته * كلا ولا ترد الهموم بصدره
ما كان ذلك كــله أن يفي * فيها بأول ليلة في قبــره
وقف عمر بن عبد العزيز على المنبر يوم الجمعة, وقد بايعته الأمة و حوله الأمراء والوزراء والشعراء والعلماء و قواد الجيش فقال: خذوا بيعتكم. فقالوا: ما
نريد إلا أنت , فتولاها. فما مر عليه أسبوع أو أقل إلا وقد هزل, وضعف وتغير لونه, ولم يكن عنده إلا ثوب واحد.....!
فأراد المسلمون أن يعرفوا سبب ضعفه الذي بدا ظاهرا عليه فجأة فقالوا لزوجته: ما لعمر قد تغير؟
قالت: والله ما ينام الليل ووالله إنه ليأوي إلى فراشه فيتقلب كأنه نائم على الجمر, ويقول: آه لقد توليت أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم وسوف يسألني يوم
القيامة الفقير والمسكين والطفل والأرملةويحكى عنه أيضا, أنه خرج من صلاة العيد فلما مر بالمقبرة وقف وبكى بكاء طويلا ثم قال: يا أيها الناس هذه قبور
أجدادي وآبائي وإخواني...
وجيراني أتدرون ماذا فعل بهم الموت؟
فقال الناس: ماذا فعل يا أمير المؤمنين؟
قال: يقول الموت: إنني فقأت الحدقتين, وأكلت العينين, وفصلت الكفين عن الساعدين, والساعدين من العضدين, والعضدين من الكتفين, والقدمين من الساقين,
والساقين
من الركبتين, وفصلت كل شيء على حدة.
ثم بكى فبكى الناس جميعا البار والفاجر.
أتيت القبور فناديتـها * أين المعظم والمحــتقر
تفانوا جميعا فما مخبر * وماتوا جميعا ومات الخبر
من ساعات الموت عند الصالحين:
معاذ بن جبل رضي الله عنه.... أتته سكرات الموت مع الفجر , فقال اللهم إني أعوذ بك من صباح إلى النار, اللهم إنك تعلم أني لم أحبب الحياة لغرس الأشجار ولا
لجري الأنهار ولا لعمارة الدور, ولا لبناية القصور , لكني كنت أحب الحياة لثلاث خصال:
لمكابدة الهواجر ( أي صيام الأيام الحارة ). ولقيام الليل. ولمزاحمة العلماء في حلق الذكر.
وحضرت الوفاةُ الأعمش المحدث الكبير فبكى أبناؤه فقال: لا تبكوا علي, فوالله ما فاتتني تكبيرة الإحرام مع الإمام ستين سنة
وعامر بن ثابت بن الميموير كان يسأل الله الميتة الحسنة , فلما سئل عنها قال: أن يتوفاني الله وأنا ساجد. فصلى المغرب يوما فقبضه الله وهو في السجود من
الركعة الأخيرة, فطوبى لهم من قوم صالحين.
خرس إذا نودوا كأن لم يعلموا * أن الكلام حلال مطلق
وصلى اللهم على نبيينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
من كتاب : وجاءت سكرة الموت بالحق ، للشيخ عائض القرني
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين